قاعديّ، نقديّ، إجرائيّ

مساحة مفتوحة ومرحبّة لجميع أنواع المواد الاجتماعية، السياسية، .بيئية، اقتصادية، وإنسانية من خلال عدسة الثقافة والفنون

يستمد مصطلح “الخزّان” إلهامه من مفهوم “المركز البحثي” (knaT knihT)، وهو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى المؤسسات التي تجمع بين باحثين ومختصين ومفكرين من مختلف المجالات بهدف إنتاج الأفكار، وتقديم الحلول المبتكرة، وتعزيز الحوار النقدي حول القضايا المعاصرة. يُعد المركز البحثي بمثابة فضاء معرفي يُمكّن من التفكير العميق والتحليل المنهجي للمشكلات الاجتماعية والسياسية والثقافية، ويهدف إلى إيجاد حلول قابلة للتطبيق في سياقات عملية.

في هذا السياق، يُعتبر “الخزّان” بمثابة مساحة تجمع فيها الأفكار وتُعالج بطرق منهجية وعلمية، حيث يتم تطوير حلول مبتكرة تستجيب للتحديات التي تواجه المجتمع السوري. كما يُمثل “الخزّان” مكانًا لتبادل المعرفة بين أفراد مختلفين في تخصصاتهم، وهو ما يعزز من القدرة على إنتاج حلول تتسم بالمرونة والمشاكسة.

إن مصطلح “الخزّان” لا يقتصر فقط على كونه مستودعًا للأفكار، بل يُجسد أيضًا عملية مستمرة من التفكير المعمق والتطوير المعرفي. فهو لا يعمل على تخزين المعرفة فحسب، بل يسهم في معالجتها وتحويلها إلى تطبيقات إجرائية، مما يجعله نقطة انطلاق نحو ابتكار حلول قابلة للتنفيذ في الواقع. كما أن هذا الفضاء المعرفي يُعزز من قدرة الأفراد والمجتمعات على فهم القضايا المعقدة من خلال التحليل النقدي، ليصبح بذلك أداة فعّالة للتغيير والعدالة.

يُستمد مصطلح “معمل” في هذا السياق من مفهوم الإنتاج والتفاعل المستمر بين العمل الفكري والإبداعي. في الممارسة العملية، يُنظر إلى المعمل كفضاء لتحويل المواد الخام إلى منتجات، وهو ما يمكن مقاربته في هذا السياق كعملية تحويل الأفكار الخام إلى أدوات ثقافية وفكرية. كما في المعامل التقليدية التي تُنتج السلع الملموسة، فإن “المعمل” هنا يُمثل العملية المستمرة لإنتاج الأفكار والمشاريع الثقافية والفنية التي يمكن أن تُحاكي الواقع الاجتماعي وتُساهم في تغييره.

يرتبط الإنتاج الثقافي بالعمل الاجتماعي، حيث يُعَدّ العمل الإبداعي جزءًا من البنية الاقتصادية والاجتماعية التي تُنتج الوعي وتُعيد تشكيل الواقع. في هذا السياق، “معمل” لا يقتصر على كونه مجرد مكان للإنتاج، بل هو فضاء يُعاد إنتاج الفكر والثقافة فيه بطريقة مستمرة، حيث يتم تحويل الأفكار إلى سياسات وأدوات فكرية وفنية ذات تأثير اجتماعي. هذا التصور يتماشى مع نظرية إعادة الانتاج في عصر التقنيات الحديثة حيث يعيد تشكيل العلاقة بين الفنان والجمهور، ويُحدث تحولات في دور الفن في المجتمع.حيث أن التقنيات الحديثة، بما في ذلك وسائل الإعلام الجماهيرية، قد حولت الفنون من تجارب فردية إلى تجارب جماعية، مما أتاح للفنون والثقافة أن تصبح جزءًا من التنشئة الاجتماعية.

من خلال استخدام “معمل” اصطلاحيّاً، نعزز التزامنا بالإنتاج الثقافي والفكري الهادف إلى تحفيز الحوار الثقافي واستكشاف الهويات والأنماط الاجتماعية المتنوعة. في هذا الإطار، “معمل” ليس مجرد مكان للتفكير، بل هو ورشة عمل حية تُنتج فيها الأبحاث والمشاريع الثقافية والفنية بشكل مستمر، مما يعكس التزامًا بالابتكار والتغيير الاجتماعي

تمثل “ثقافة” جوهر المشروع حيث تُعتبر بمثابة العملية والصيرورة التي تتكامل فيها السرديات والممارسات الثقافية اليومية التي تحدد هوية المجتمع. الثقافة ليست مجرد مجموعة من العناصر المادية أو الرمزية، بل هي الأداة التي من خلالها يتم نقل القصص والهويات والسرديات، وتُشكّل التجارب الفردية والجماعية.
وفقًا لهذا التصور، تُعد الثقافة عملية ديناميكية تتداخل فيها الأفكار والممارسات التي تُساهم في بناء المعنى الاجتماعي والسياسي في السياقات المختلفة. في هذا السياق، خيار مصطلح “ثقافة” ضمن التسمية يؤكد على أولوية التعامل مع النقص الكبير في المساحات والمراكز البحثية المتخصصة في دراسة الفن والثقافة، خاصة في العالم العربي. هناك فجوة أكاديمية بارزة في مراكز الأبحاث التي تركز على تحليل وتطوير الفنون والثقافة في هذا الإطار الجغرافي، ما يجعل دراسة الفنون والثقافة في المنطقة تتبع في كثير من الأحيان أطر استعمارية وتعزز مركزية غربية. هذه الفجوة تُعزز الحاجة إلى إنشاء منصات ثقافية مخصصة تسهم في تأصيل البحث العلمي والتطوير لدراسات ثقافية محلية وقاعدية.
من خلال توفير بيئة بحثية تشاركية وتطبيقية تشجع على الإنتاج الثقافي المستمر والنقد البنيوي للهيكليات وتراتبيات الحقل الثقافي السوري وتسليط الضوء على أهمية إعادة تشكيل هذا الحقل الثقافي من خلال توفير مساحة للبحث والإنتاج الثقافي الذي يتسم بالاستقلالية والقدرة على التأثير في المجتمع، مما يسهم في تطوير رأس المال الثقافي المحلي وكسر عوامل التمييز الطبقي.